عبد الرحمن الماجدي

نصوص مختارة

ولد في بغداد ـ العراق عام 1964

تخرج في كلية اللغات جامعة بغداد 1989

بدأ الكتابة نهاية الثمانينات

نشر في الدوريات العراقية في الخارج والعربية

نال جائزة الهجرة الهولندية في الشعر عام 1997 في امستردام

نال جائزة الشعر الهولندية (Dunya) عام 1998 في روتردام

يقيم في هولندا

 

عزلتي، أستدلُّ بها علي

حديقة الرحمن

قصائد قصار

كهرة مدللة

صولجانه الذي كأبي

 

عزلتي، أستدلُّ بها علي

 

  تجالسني مائدةَ التوجس عزلتي،

مطرقةٌََْ كما أنا- تعيدٌ َسلسلةَ اليومَ

على خيوط تتدلّى من البارحة.

 

 عندما تعدّل من جلستها ، عزلتي، تمتدٌّ يدها كأن تتفحص فاكهة حيرانة،

تصغي لثرثرتي ُتحمّل الصباح بما ينهكه

من تدابيرَ سرق الفجر هندستها.

ويكاد التوجس ، ساعة ثرثرتي، يفلتُ من حبائلها

لولا ليوم المتدلّي بخيوط البارحة أوقعه  بفخاخنا.

 

ننهض كرهبان مستجدين

نكمم النهار

ونمدده على قارعة أسرارنا

ليستوعبها كفضيحة

نتشاجر عليها

ثمّ نحرّره كشاهد على شجارنا ،

ليَهرّبه جواسيس عزلتي،في علب شتائمنا ، بلا صخب.

 

نتقاطعُ في الممشى دون أن أكترث لتوسلات نظرات عزلتي أن أوقف عراك

كفيّ بأصابعهما.

 

يفاجؤنا العصر بطَرْقاتٍ رتيبةٍ

على باب يومنا كقارئ مقاييسٍ

يمكثُ قليلا

ويغادرنا

تاركاً دفترَ فواتيرهُ نهباً لتوجّسنا.

 

نمشي منحشرين في حارات اليأس الضيقّة

نلملم إحتمالاتنا،

فخاخنا

وسراديب نكوصنا.. .

ونعودُ لاهثين

نفتحُ نصف النافذة لحيوانات جد يدة من الهواء لإنعاش عزلتي،

ونصفها الآخر لتمرير سلالم حلمنا؛ ترمّمه أقليّة تنوح‘ بعيدا عن ذاكرة العسس.

ينزلُ الليلُ،

على ذات السلالم،

نطوّلُ به عزلتنا

ونحثُّ المكان على حضورنا  

فينثر هباته علينا؛

ممالكَ من غدٍ حيران

 

تحطًًّ على مائدة توجسنا

منحيّة الخيوط التي تدلّت من البارحة

لخيوط

يجتهدُ اليوم في إدلائها بيننا.

1419 هجري

عبد الرحمن الماجدي


حديقة الرحمن

 

  أشار إلينا

وفي الظلّ تسلّمَ نياشيننا

عندما الآخرون نسوا عيونهم في مباخر الأساقفة.

أشارَ إلينا ..

وأطلعني على آيةٍ منه،

على لحظة يقينه،

فتعرّفتُ على وريثه في بهو كلامه

عندما الآخرون ألبسوه قميص الردة

وخاطوا فم يومه بالوشاية.

 

على حشائش تأويله

نصبتُ شؤوني

وسوّرتها بالفراغ

وأجلستُ براهيني على أرائك حكمته

مستدرجاً الحاذقين لعسل انتظاره

أنا الشبيه

 

وأنت آتٍ

فتّش عن ثقتنا في ثيابه

فاللذة ، جنده الصغار ، دفنوها في كاتدرائيّته.

 

يا أحدَ عشرَ غائباً

خذني لآجرّك،

وطوّقني بالهائل من أسيافك

لأحصي هزائمي

وأعيدُ بها ترتيبَ يومي.

قُدني لمأدبة شراكك

لأستردّ طهارتي من دنس غيابك

أدخلني حديقتك

لأتذوّقَ طعمَ الغفلة في ضحكك.

 

أنا الشبيه

هيأت لمحنتك خاتماً وصولجان ،

ورعايا يهتفون،

وملكاً لا يبلى،

وهيبةً عظيمة،

وحاشيةً تكتم السرّ،

ووفود تهنئة،

وألسنةً تتناوب برطانات شتّى،

وكاهنةً تتقن قراءة الطالع،

وخرائط ومسّاحين،

وسككاً للعيّارين،

وشرطةً ومطلوبين،

وفرساناً،

ورجّالةً،

وضحّاكين،

وأعياداً،

وماثانيين،

وحواريين،

وروافضَ

هبطوا من الأرض

وعادوا بنياشين معطّلة ،

ووصايا تخذلُ الوارثين

تحثّني بأحدَ عشر صامتاً،

أحدَ عشرَ منتظرا،

أحد عشر غائباَ،

 

دخلوا الحديقة

وموّهوا رسومها

مذ الآخرون نسوا عيونهم في مباخر الأساقفة.

1419 هجري

عبد الرحمن الماجدي


قصائد قصا ر

(...)

 سليمان

والذي عنده علم من الكتاب

والهدهد

وأبي

وصديقي

غضبوا جميعا؛

لأنني أحببتك قبل أن يرتد اليّ طرفي

 

ابوّة

بملابس من ورق

كمصور أعمى

كنت ألتقط مزاح الجرّاحين،

مرتجفا،

أرتكب أبوّتي بأصابع من جليد .

 

هواء ميّت

 

الهواء الذي حملناه معنا من المقبرة

غفا على سرير الميت ،

تنفسه الضيوف ،

فقصوا علينا ذكريات الميتين .

صورة حديثة

 

بصندوق رأسك يجلس افعوان الحسد

مفترسا غفلة الطريق..

بمغارات فمك سجانون

يذوّبون الحقيقة في أسيد الكلام .

خيولك الورقية تاهت في شارع روحك المقفر

والهك الخشبي خدعك

                        حين فرغت من استعمال اليقين .

هاربا من مصور الأيام

تخشى أن تدخلك المقاديُرآلة النسيان .

فاجلس، وحيدا ، على كرسيك الأخير ،

قبالة بحر أيامك المهجور .

عبد الرحمن الماجدي


 

كهرة مدللة

 

أصابعي فتية طيبون

دعيهم يمرون بجليد جلدك

دعيهم يقلدون الكشافة ولا تضحكي

عنيدون هم

           بالرغم من علوّك !

سيروضون مهريك الشرسين

                             حارسي هضابك أيتها المتعافية

أمامنا ليل طويييييل

يكفي لتحريرها ، من جنود الحياء ، هضبة هضبة.

 

 

عاداتي لا أغيرها :

                  أشيد متاحفي في الصباح

                  لاهدمها ،آخر الليل ،بشفتين ثوريتين.

 

امسد على خيولك

التي تتقافز في حدائق خدرك

ثم انهمك كمساح بمفازات جسدك ؛

انشر خرائطي على ركائز كسلك

لاقتنص اللحظة التي تميّل موازين النشوة على الفوحان

 

 

أتركك تتمرغين في فراء استسلامي كهرة مدللة

تعبثين بأعواد ضحكي ؛

لتسّاقط عليك جدران النوم

فترقدين كهرّة مدللة .

 

عبد الرحمن الماجدي

 


صولجانه الذي كأبي

 

بزاويته العتيقة

يمدد أبي حياته البائدة

على رؤوس أصدقائه المغادرين.

 

مستدرجا، بمسبحة نحيلة ،

شجيرة العائلة،

يزيح عنها الألقاب،

يستلّ منها أبا قديما ،

يدخلنا خرائب أيامه ،

يغوينا بثواب تذكره ،

ليأكلا معا من فاكهة عقولنا،

فيما شيخوخته

تفتش في رؤوس الأبناء

عن جسارة النسيان،

عن ندم يطارد الميتين

عن سيف مغمود ؛

يبكي على عليلة من سلالة المنكوبين ،

يشتم( شمر بن ذي الجوشن)

ويحرق ، في قدر القيامة ( حرملة بن كاهل) .

 

أبي

 قامة تتهاوى

أو هيكل بطيء

سلالته تتبعثر أسرارها خلف الضجرين

أخطاؤه

أخطاء الأولين

يداريها بعكاز 

يفشل في الاهتداء لاعتذارات

ترمق تعثره بأخطاء الوارثين

 

رأسه ينام في التذكر

ويصحو

نافضا نعاسه

ليرينا بين كفيه اليابستين

أهوارا تركض

ويدلنا على معدان مصفدين

في غرف رأسه القديم .

 

أبي

فخ عليل

يرى إلى دم ارثه العبيط

يتماوج بدوارق يحرسها ثور الأرض ذو القرنين الربانيين

 

دويبة الوقت، لما تزل ، تطارد

خيول عمره المتعبة .

 

صدره الأبيض

ينفتق عن عسلوج مغموس بصباغ عمائقه

يمهر حباته

بخاتمه النحاسي

معلقا اسمه المعكوس في عصا رحلاته الليلية.

 

جيوش سعاله

تتجحفل خلف سواتر الكلام

يدحرج السؤال على راحته

منتظرا يجلمد تجاعيده جوابا يضيع . 

 

بعينيه الطالعتين من ديار ذليلة

تنكسر نظرته للورعين

يتكاتفون

ليرفعوا سرادق غيابه.

 

أبي

بصولجانه الذي كأبي

يخطّ لنا :

          ها هنا شيدوا حفرتي.

          من هنا ،

          ميّلوا قبلتي .

          اذهبوا ،

          بدأت رحلتي !

1421

                 

عبد الرحمن الماجدي

      

ضيوف