كـَلـَكْـنـَةٍ من لغةِ الليل

 

 

حين بسطت يدها ومدتّها نحو النافذة ، شعرتُ بفرح ٍ غامرٍ ، ذلك أن الستارة ستزاح قليلا ً الى اليسار وسيغمر الغرفة نورٌ قادمٌ

من المثلث الذي سيتكوّن مؤطراً من جانبٍ ، بلوني قميصها الأبيض والأسود المتصالبين والمتقاطعين كرقعةِ شطرنج ومن جانبٍ آخر بضلعي إطار النافذة. غير أنها التقطت لفة خيطٍ أُخرى ، واستمرّت تمارس حركاتها الآلية مطأطئة رأسها ، قلما تلفت نحوي ،  قلّما كسرت صمتها ، لا بالكلام ، إنما بإيماءةٍ من رأسها أو إشارةٍ باهتةٍ من يدها ؛ أتأملها جالسة ، وهي تحيكُ لفافاً أو ربطة عنق ، وشعرها ينثالُ كلكنةٍ من لغة الليل.

حين التقطت لفة الخيط الثانية ، واقتطعت منها خيطاً وواصلت تناوب أصابعها الآلي ، غيرآبهة بمسرّتي أو بخيبة أملي ؛ فجأة مدّت يدها مرة أخرى نحو النافذة ، فغمرني فرحٌ عارم ،ذلك أن الستارة ستزاحُ قليلاً الى اليسار وأن مثلثاً من النور مؤطراً بلوني قميصها :الأسود والأبيض ، سيغمر الغرفة الكابية. ولكنها كانت قد أخطأت اللون ومدّت يدها مرة اخرى وأشارت الى قدح الماء الموضوع على الطاولة . ناولتها الماء ، ارتشفت منه ، أعادت القدح ، تباطأت أصابعها ، و تثاقلت جفونها.

ستنام. ستتركني وحيداً. صامتاً . مهجوراً. لا أستطيعُ حتى اصطياد مثلث من النور ، يطلُّ على مشهدٍ لجدارٍ يحجبُ العالم عنّي.

 

نصوص أخرى